الرئيسة \  رؤية  \  أين الخلل ..؟؟؟ أفي تحليلات المختبر أم في صورة ترسمها المرآة !؟

أين الخلل ..؟؟؟ أفي تحليلات المختبر أم في صورة ترسمها المرآة !؟

05.09.2016
زهير سالم




أتذكر هذا العنوان الذي حاولت مجلة (الأمة) أن تعالج تحته خللا عاما في حياة الأمة ، وفي مسيرة دعاتها بشكل خاص ، منذ عقود . كان عمر المجلة مثل عمر الورد ، ومهما يكن من سبب ، فلم يكن من المقبول ، أن تتوقف المحاولة بتوقف المجلة أو بإيقافها وتوقيفها . وأبسط ما في هذه الذاكرة أن "الخلل " في مسيرة أصحاب المسيرة قديم . وأن الذين يمسكون الدفة في غالبهم : لا يحبون الناصحين .
وأعود إلى طرح السؤال : أين الخلل؟
 ويجيبني الذي يؤمن أنه ليس بالإمكان أفضل أو أبدع مما كان : أنت تفترض مسبقا وجزافا ، أن هناك خللا . و( نحن ) قد استفرغنا واستوفينا وأدينا . وإن كان من خلل فليس منا ولا علينا . ثم يهوّم الصاحب في ذكر الاستعمار والامبريالية والصفوية والدولي والإقليمي والآخرين ، ويعدد الانتصارات الصغيرة ، والإفحامات والاقتحامات المبهرة ، وكيف قالوا وكيف قلنا ، وكيف جاؤوا وكيف رحنا ، في مرصوفات الادعاء الزاهية التي تعودنا عليها وهادنها منذ عقود ؛ ولا أظننا نستطيع أن نفعل بعد أن بلغت الدماء الزبى ، وتجاوز سيلها الطبيين ..
أين الخلل ؟!
 ليكون الحكمُ ، فيما بين الناس بملايين شهدائهم وأشلائهم وأيتامهم وثواكلهم وأراملهم ومهجريهم والمدمر من عمرانهم ، والشتات من أمرهم وبين أصحاب هذه اللجاجات ، حكمَ واقع شاهد كل ما فيه ، على أن الخلل يتخللنا ماديا ومعنويا ، عقليا وسلوكيا ، ويجتاحنا عموديا ( من الراس إلى الساس ) ، وأفقيا على كل مربع من مربعات رقعة وجودنا ووجود محاربينا الأربعة والستين ..
إن الأول في معادلة البحث عن الخلل الإقرار بوجود الخلل . وما زالوا يجاحدون ..
إن الإقرار بوجود الخلل شرط ، كالوضوء للصلاة ، ولكننا كلما روادناهم أو قاربناهم ليقروا أبوا وداوروا وناوروا وتهرّبوا وتراخوا وسوّفوا وعلّقوا وزعموا ثم استرسلوا في سكرتهم يعمهون ، وعلى وجوههم يكبون ...
وإن الثاني في معادلة علاج الخلل الإيمان أن البحث عنه لمعالجته فرض ....
كفرضٍ شغل رسول الله عن صلاة العصر ، الصلاة الوسطى ، يوم الأحزاب . وآه كم في هذه الرواية من فقه ، شُغل عنه الناس في سياق الزمان . لم أقرأ لشارح مع كثرة الشارحين يتساءل عن مشروعية الانشغال وحده وحكمه ..؟!
وثالث ما في المعادلة أن ينقاد من يقتنع بالخلل إلى مختبر للتحليل ، وأن يقف أمام المرآة متجردا من نرجسية المرأة الفَتون .
 " الخلل " ، ليس القشة أو الجذع ،في أعين الآخرين ، فالحديث عن هذا والإدمان عليه والإكثار منه هو المهرب من المطلب المقصود والذي تعود عليه الكثيرون .
الخلل المطلوب البحث عنه ، هو ذاك الذي تعلن عنه تحاليل مختبر ، أو يرسمه سطح مرآة .
وبعض أصحاب الخلل في هذا الزمان يقدمون في المختبر نماذج مزورة – كما رياضي بوتين – للحصول على نتائج ترضيهم ، أو ترضي غرورهم وادعاءهم ، وتحافظ على هيئاتهم في أعين السذج أو المنافقين أو المجاملين ، الذين يدعمون في لحظة : أن واحد زائد واحد يساوي أربعة ، وإن سألتهم محققا ضحك منافقهم : يتزوجون وينجبون ....
 وتشهد المرآة حين يقبلون أن يقفوا أمامها بحق وصدق ، فشهادة المرآة حسية صارخة لا تخطئها عين . ومع ذلك يراوغون ....
علّم "جلال الدين الرومي " وأرشد :( إذا لم تعجبك الصورة فلا تكسر المرآة ). وتعودوا أن يلعنوا المرآة ، بل أن يكسروها احتجاجا عليها ، لأنهم يعتقدون جازمين أنهم أجمل من الصورة التي تعرضها عليهم .
وفن إضافي في المراوغة يتهم بعضهم المرآة بالصدأ والغبش، وإن كانت أكثر لمعانا من ترائب صاحبة امرئ القيس التي كانت ( ترائبها مصقولة كالسجنجل ) .
في الجاهلية كانت المرآة ، وفي الإسلام كان الحِب ( جرة الماء ) مقدمة للخروج على الناس . وفيه كان تقرير المصطفى صلى الله وسلم عليه : " المؤمن مرآة أخيه "ا وبعض الناس اليوم يعلن حربا حتى على المرآة .
ورغم كل ما تفيده شهادات المختبر ، وتقدمه صفحة المرآة من لون حائل، وشق مائل ، ولعاب سائل ...
يصدرون له شهادة : سالم مسلح !! ويسألني أين الخلل ...
لندن : 2 ذو الحجة 1437
4 / 9 / 2016
----------------
*مدير مركز الشرق العربي
zuhair@asharqalarabi.org.uk